بيني وبينك إدانة الإمتياز
فئة من الناس لا يعجبها العجب و لا الصيام في رجب. قدم وتقدح لغاية سقيمة في نفوسهم كان يكونوا مشغوفون بالوصول لللامم وليس من سبیل بین ايديهم يمكنهم من ذلك. و لا يدركون ان من يوفر جهده يحصد خمول الذكر. يتخيرون ضحاياهم ممن تعشالوا المعرفة ، فحاولوا الوصول للدرى بتدريب انفسهم على مد ابصارهم خارج مدار انفسهم متسلحين بالصبر والحزم والجلد . يتندرون عليهم ويجعلونهم مادة لتعليقاتهم سواء منهم من أصاب أم من أخطا من سعى أم من تكاسل من نجح ام من الخالق من قال ام من سکت. ليس هناك من احد بالادر على ان يرضيها مقولة " ان مرضاة الناس غاية لا تدرك اعتقد ان هؤلاء الناس هم المقصودون فيها.
لا تظنوا انهم قلة بحيث لا يستحلون الإلتفات اليهم فاقد داهوا بدرجة ماليتة، وازداد بالتالي عدد ونوعية ضحاياهم فإذا كان هناك هوة بينهم وبين من يبدي محاولات عاجزه ،معتالدا انه مبدع بينما هو دجال وناطح صخر . عن جهل تارة وعن غرور اشد ضراوة من الجهل تارة أخرى . فإن الهوة تزداد اتساعا بينهم وبين العظماء حالا. يشعرون بينهم بالخوف والرعب، يتصاغرون ويتخفون في العتم بعيدا عن دائرة الضوء يتحسرون على اعلامهم التي لم تصمد على ارض الواقع الصلبة.
لا يسلم من أذاهم من هم في طور الأعداد . موهوبون بلا شك متميزون فعلاً ، لكنهم مازالوا براعما في بداية مواسمها تتطل مع بشغف للوصول الى طور التفتح والنضوج. فيحصدونهم قبل ان يبتدءوا في ممارستهم لمهامهم . لكن الأشد إيلاما ان ينال الأذى الفئة العظيمة التي تستحق فعلا مكان الصدارة عن جدارة وحصلت على نجاح حفرته بأظفارها . فلا تتواني تلك النفوس عن نهشها بالسنتها المشحوذة، تدينها تارة ، تجرحها تارة أخرى، تكيل لها التهم، فتدفع بدل ان تقبض ثمن تفوقها وتعبها وسهرها الليالي الطوال وغيرها نيام.
ان هؤلاء الناس الذين يكنون كل هذا الحقد والحسد والغيرة لكل انسان متمیز. الغير قادرين على بذل الحب كانوا موجودين وما زالوا وسيبقوا . تعرفهم بسيماهم الواضحة ،نفوسهم ضعيفة وصدورهم ضيقة وعيونهم حاسدة واصابعهم اللزجة جاهزة للاتهام، طامعين مع ياسهم ينفشون سمومهم بين النفوس النبيلة التي تأنف أخذ شيئا دون بدل لذا لن تتعايش من يريد كل شيء دون بذل.
إن قصة سيدنا يوسف معروفة للجميع وكلنا يعرف مقدار معاناته في الجب بعد القائه فيه. لا مفر من بثر يوسف ، اصبح قدر الانسان المتفوق للتخلص من تمييزه . الذي يؤرق بال من هم اقل منه امتیازا. اصبح الجب لعنة من تمييز ، من رفض، من سال، من تقصى وعرف . مثل معاناته تعاني تلك الضحايا. لم يتوقف اي منهم عن السعي للخروج من مأزق بعد الآخر. ان الحكم بدفن الاحياء أبشع تغييب . لا يموت ولا یحیی إنه القتل المعنوي الأشد قساوة على النفس البشرية من القتل الحقيقي . قتل المواهب، قتل الاجتهاد والتعب، قتل الأفكار، قتل العواطف والمشاعر. و لا من مجير فيتحمل لزوجة المصير كما تحمل لزوجة المؤامرة التي حيكت ضده تحت سمعه وبصره حيكت لإعدام امكانياته بطريقة مزرية.
قد يتوقف ويسأل عن سر ذلك العداء في لحظات يأسه حين يراه يستفحل نفسه رغم كل المحظورات والموانع كلما استمر في خط سيره في صدقه اکد والضغوط التي تفرض عليه كلما أصر على التوحد مع المجتمع، كلما للجميع وجهة نظره انه لا شيء بدونهم و لا قيمة لكل انجازاته بدون الغير وبدون القيود الاجتماعية دون أن يكون الدور في خدمة الجميع . قد تطحنه تلك اللحظات القاسية فيشعر معها بالعذاب ولا يجد لتساؤلاته الجواب.
ان هذا التساؤل في حقيقة امره لا يتعدى الشفتين فيقينه في داخله يؤجج عنده قدراته وثقته بنفسه وبا لآخرين . يبقى الانسان في عمقه كما هو متفوقا لا يحد اندفاعه حدود الإنسان الرائع الذي كانه مازال رابضا فيه يحاول اثبات جدارته بإخراجه من اعماق الجب الى النور مرة اثر مرة، فيقدم من جديد اعما لا تبهر الجميع ، والقوا لأتيز كل كلام.
وأفكار اتفي لهم عتمات الطريق. ذاك الانسان الحي باعمالة يصبر ویتروى فإنه ولاشك بإنتظار شيء ما، يعد له يدا او يتيح له فرصة للخروج من بشر اللعنة والانطلاق مرة اخرى وهو اشد قوة وأطلب عودا واعمق مقولة واحزم أمراً.