أطفالنا بلا طفولة
في العالم المتقدم تدهشك قدرات الاطفال التعبيرية، الناشئة أصلاً عن تربية حديثة مستهدفة تطوير التفكير عند الفرد الغربي. وتحويله لطاقة خلاقة، لم يتوفر مثلها لاطفال العوالم الأخرى التي ما زالت تناضل لتلحق باذيال ركب الحضارة السائر بسرعة الصاروخ . لذا فاطفال تلك الحضارة الذين نالوا حظاً من العناية المدروسة ضالعين في تقدم بلادهم المتمددة أبدأ، وبقي الآخرون مجرد أسواق مستهلكة لها. إن أطفالنا .. أطفال مظلومة على كل صعيد.. ففكرة إنجابهم حددت بطريق الصدفة أو بطريقة عشوائية دون تقدير. ومعنى وجودهم على أحسن تقدير حلم جديد وملح لإعادة ترميم وجودنا الاجتماعي المشاكل. لذا فهم ريثما يكبرون... ويتخذ كل منهم مكانه في تلك الآلة الصدئة الدائرة أبداً بلا هدف. يبقون كما مهملاً بين الأفراد دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير في إعدادهم الإعداد السليم. ربما لا تنقصهم حقهم في الأكل أو اللبس أو المسكن ولا شغفنا بهم. لكن لا شيء المواجهة العالم الجديد عالم لم نخطط له لغاية الآن على الرغم من فرضه علينا قشور حضارة لم تستقطبنا ولم تفتح أمامنا كل الأبواب لكنها حققت هدفها بسيطة ثقافية واقتصادية وسياسية على مجتمعنا المهلهل. هل من جواب امين صريح لأسئلة ربما لم تدر بخلد الكثيرين. إن كنا حقيقة فكرنا بأطفالنا قبل إنجابهم أو ونحن نعد لهم أساسيات الحياة هل اعتبرنا انفسنا نعدها لجيل جديد في كل شيء أو كما أعددناها لأنفسنا قبل سنين وسنين.. أعني هل نعتبره إنسانا كاملاً له كافة الحقوق؟ هل نحترم ذكاءه ورغباته وقدراته حتى حسه الجمالي..؟ هل نراعي التجربة الاجتماعية البيئية والتراث التاريخي والمردودات الشعبية ثم ندفع بهم نحو تجريب خاص دون خوف عليهم من الأذى؟ إن الخوف عليهم هو مصدر الأذى نفسه.. فنحن عندما نسرف في حماية الأطفال ونشدد الإشراف عليهم نخلق عندهم روح الاعتماد والاتكال على الغير وهذه كارثة... نحكم عليهم بضعف المبادرات.. فحرمانهم من التجربة الذاتية يعني القضاء على نشاطهم الذهني وتقيد خيالهم. والتخلص من إلحاح الأطفال في طلب الشرح والإيضاح لكثير من أمور الحياة بإسكاته بطريقة ما لاننا لا نملك الإجابة أو لا نريد توصيلها لهم لاي سبب يؤدي لإفهام الطفل إن الحياة مزاجية أكثر منها قوانين مضبوطة. التعليم الركيزة الأساسية في تشكيل طفل اليوم وإنسان الغد فماذا نتوقع من طفل مهيا بفطرته بقابلية للتلقي وعلمناه بطريقة خاطئة. طريقة آلية لا حوار فيها ولا نقاش كانما كل أمور الحياة مسلمات لن يكون الإجهاز معلومات متنقل لا يحسن ربط السلوك بالمعرفة لأنه لا يعرف أنهما كل لا يتجزأ. أما عن أطفالنا المتفوقة خلقاً التي تسأل وتريد أن تفهم. فإن أسلوبنا الصارم في البيت والمدرسة يسد أمامهم أبواب الفبهم والاستيعاب وأبواب التحليل والاستنتاج. فلو احتفظ هؤلاء الأطفال بقدراتهم وأجلوها إلى حين الانتقال لمرحلة الاستقلال. يكون الوقت قد تأخر.. وتبددت أحلامهم بالخلق والإبداع. ورغم تفوقهم يتضاءلون لو قورنوا بأنك أدهم في البلاد الغربية إذا ما جمعتهم مقاعد الدراسة هناك. فسعة إدراك الآخرون وتفتح وعيهم وإتقانهم شتى فنون الحياة تظهر مدى التشوه الذي أصاب خيرة أولادنا بيدنا لا بيد عمر. إن وسائلنا التثقيفية المتمثلة في وسائل الإعلام لم تراع لغاية الآن الزمن ولا الأحداث الجسام التي تمر علينا ولا القدرات الفكرية المتطورة التي يتمتع بها هذا الجيل المتروك ليتمزق أمام برامج التلفزيون المعدة أصلاً لأطفال آخرين في مراحل متطورة عنا حضاريا فالفجوة الحضارية التي يتعرض أولادنا لها تسبب لهم التوتر تدفعهم للتردي الخلقي من مسلسلات تجارية رخيصة تدعمها المجلات والكتب غير الأمينة على الهوية العربية والثقافة العربية مما يترك الطفل في فراغ وضياع فيتلقى ما تتحفه به الوسائل الغربية الهادفة بلا أدنى شك لأبعد مما نتخيل تؤازرها اللعب المستوردة أيضاً والمعمولة أصلاً لطفل آخر في بيئة أخرى هم أولاء يراعون اقتران المعلومة بالألعاب فصار طفلهم مشاركاً ومقرراً في الثقافة الموجهة والمسلية التي تساعد على إثارة عالم الطفل وتنميته فيصبح جزء من التربية التعليمية.
هناك ضرورات ملحة يجب مراعاتها دون تردد لندفع بأولادنا لمعترك الحياة بلا قلق.. تطوير وسائلنا التربوية والتثقيفية وجعلها أكثر ذكاء.. تشبع اهتماماتهم وتساعدهم على اجتياز أزماتهم نفسح المجال أمام هواياتهم ونشاطاتهم الترفيهية. ونشجعهم على المناقشة والحوار. إن التوازن بين الثواب والعقاب ضرورة ودفعهم ليعبروا مرحلة النضوج الاجتماعي بعد نضوجهم الفسيولوجي بمشاركة الكبار في النشاطات اليومية ضرورة. وأخيراً مراعاة الحاجات النفسية والاجتماعية في فترة مراهقتهم ومعالجة أوضاعهم بأسلوب علمي، التسامح معهم والاعتراف بهم كفئة لها أهميتها في مستقبل ثقافتنا وحضارتنا.