همسات مخلصة
ساحاول من خلال نبضنا المتدفق هنا هذه المرة توضيح اختلال المعادلة السائدة في مجتمعاتنا العربية أكثر منها في المجتمعات الأخرى بين المرأة والرجل ونتعرض للمعادلة البديلة فيما لو قدر للنساء ان يثبتن انهن ذوات قيمة فعالة أساسية وجوهرية، تقوم عليها الحياة وإنهن أكثر من وسيلة للانجاب لاستمرارية الحياة.
المعادلة البديلة هي الحقيقة هي العودة للمنطقة الوسطى حيث الأرضية الأكثر واقعية وصلابة المعادلة المنطقية في أن المرأة والرجل قطبا الحياة منذ خلقت الحياة والى ان يرث الله الأرض ومن عليها وانهما لا يمثلان نوعين يجعلانهما جزءين منفصلين في الفكر والنفس. وما تلك الفوارق التي تظهر في كثير من الأحيان الا نتيجة حتمية لاختلاف طريقة التربية والتثقيف.
إن هذه الفكرة الجديرة بالاحترام والتقدير والتي شغلت أخيلة بعض النساء اللاتي اخذن مكانتهن في المجتمع أخذت في الوضوح والتبلور في اذهانهن حصيلة ثقافة وصلن اليها عن طريق تنمية وعيهن وادراكهن بشكل دائم. ولا ينفي ذلك وجود فئات اخرى كؤلاء الكثيرات اللاتي مازلن لا يشعرن اصلا بوجود تلك المعادلة المجحفة في حقهن واولاء اللواتي وقعن في قبضة تطرف واضح جديد ضد التطرف السائد المرفوض الذي يمارسه الرجل بحق المرأة وتطرفهن اللا موضوعي هذا أدى لظهور هوة حقيقية من صنع المراة نفسها.
إن مبالغة المرأة في خوض معركة اثبات الذات على كافة الأصعدة لدرجة التعصب جعلها تتطلع بشغف للاستئثار بالموقع الذي وقف فيه الرجل يناهضها ويشعرها بالدونية لتحل محله لتكيل له الصاع صاعين، وما ذلك الا لتطرفه في نظرته غير المنطقية للمراة. وغير خاف على أحد كيف يصعد جوانبها السلبية ويدينها بجوانبها الايجابية. فكاتب كبير مثل توفيق الحكيم مثلا يقول إن المرأة من غير شك هي الزهرة المشرقة في بستان وجودنا الآدمي .. زهرة لها نضارتها وعبيرها ولكن لها أيضاً أشواكها..
انني أفضل عادة استعمال كلمة انساني بدل آدمي حتى اشعر ان المعادلة صحيحة وقائمة لذلك اعتبره انه قد أباح دواخل انسان ما. حيث أن لكل منا سلبياته وايجابياته. عندها لا يضع أحد ما نفسه موضع شك ولا يعرض الثقة بينهما للاهتزاز، فكلمة «انسان» التي تعني الرجل والمرأة تجانب الصواب بشكل أدق وأصدق.
الحقيقة تقول إن المرأة والرجل متماثلان ولكن كون كل منهما ينمي امكاناته ومزاياه الخاصة حسب قدراته وخلفياته أدى لظهور هذا القدر من التفاوت فالفرد يختلف نفسيا عن أعضاء جماعته بسبب تكوينه الفردي وتجاربه الشخصية ابتداء من رحلة حياته المبكرة وحتى نهاية المطاف وسلوكه نتاج التكيف مع وضع طبيعته ومجتمعه الذي يعيش فيه خاصة اذا تدخل احد ما في التوجيه وفرض رؤاه ومعرفته على العوامل المحددة والمؤثرة للبيئة النفسية على اعتبار ان البنية النفسية هي بنة انسانية موحدة.
هي ستبقى المرأة رهن هذا الاعتقال الطويل؟ متى ستطلق لحواسها العنان لترى أبعد من تلك الحوائط الازلية المحصورة ضمنها خطوة وتصبح في النور وتعرف بعدها جيداً معاني الألوان أنها مؤشرات مرور لتعبر نحو الأفضل لتكتسب حقها كانسانة تتحرك في كل اتجاه، تزيد من دائرة اهتماماتها الازلية التزين واللبس وتحضير الطعام على أساس أن الطريق لقلب الرجل هو كل ذاك.
همسة مخلصة للمراة ان تدير راسها حولها لتعرف أن كثيراً من الثوابت في العالم تغيرت او في طريقها للتغير وبناء عليه تخضع طريقة تفكيرها وسلوكها لمثل ذاك التغير ستدرك ان الجاذبية الحقيقية تتطلب قدراً معينا من الوعي الداخل. تتطلب قدرة فائقة على التوازن ومن ضمن التوازن تشع حضوراً، الطريقة التي تتحدث بها. كيف تبدو تلبس، تتحرك، بحيث لا يركز المرء انتباهه على شيء محدد فيها بل يرى كل شيء في وقت واحد ولا سيما اخص خصائصها كونها المرأة الانسانة.