آخ.. یاوطن
نشرات الاخبار التليفزيونية الفضائية كلها دون استثناء وظيفتها الأساسية في حياة الشعوب المقهورة تدمير النفوس وقتل بذور الأمل كلما نبتت فيها بما انني واحدة من شعب يعتبر من أكثر شعوب العالم قهراً في القرن العشرين وحتى ماشاء الله فإنني اعترف أن الإحباط شديد جدا قد يدفع بنا الى اليأس ليس من رحمة الله بل من رحمة عبادالله. بالمناسبة لا أحد يسألني: ولماذا تشاهدين التليفزيون عموما ونشرات الاخبار خصوصا علماً ان ما يقدمه مفبرك اكثر مما هو حقيقي قد لايخفى على أحد الجواب انه الإدمان اللعين أدمنت والحق يقال على تناول جرعة السم بشكل يومي وبكمية محكمة على فترات إخبارية بمواعيد ثابتة ليس لي مفر منها. (1) رأيت فيما يرى كل مغلوب على أمره اننا نركب أرجوحة تقذف بنا الى الذرى وتنخسف بنا الى سابع ارض تحلق بنا وعود وتطيح بنا أكاذيب نسمع حقيقة وحين نود رؤيتها بوضوح نجد ان لها وجهين لم يعد أحدهما باطلاً. لقد عايشنا - من سوء حظنا - زمن الإلحاح في التعجيل في دخول النظام الجديد. صدر أمر على صيغة طلب مهذب: وقعوا وستنالوا حلاً مقبولاً من الجميع ولكم ما تستطيع ان تملكه اليدان.. فوقعوا رأينا التوقيع وقد احتل ركناً صغيراً على وثيقة او مستند او مجرد كلام لم يقرأه أحد ثم فوجئنا أن هذا الركن الصغير مكان التوقيع هو نصيبنا ثم اصبح بعد التوقيع ملكاً للرأي العام العالمي يحق لهم بموجبه بين لحظة واخرى إدانة من وقع اذا فكر ان يتملص من توقيعه مع أن آخر ما يمكن أن يفعله عربي سحب كلمة لا قيمة لها هو قالها فكيف بتوقيع؟ المهم توالت تواقيعنا وتواقيعهم وتعددت اسماؤنا وأسماؤهم ولجاننا ولجانهم وزادت المفاوضات وفشلت كل التكهنات التي تم التوقيع على اساسها وتاهت عنا قضيتنا او تهنا عنها لأفرق. القضية التي هي الهم الأساسي تحجمت وصغرت وذابت في خضم بحر زاخر من البيانات والخطابات والتقولات و.. الى مالانهاية من السفسطة. تغير اساس الموضوع كان صراع أحقاب وأجيال صراع عقيدة وفكرة ووجود اصبح مجرد نزاع حول مساحة أرض حجم الكف نزاع يمكن التفاوض بشأنه للتوصل الى إمكانية خلق حياة بين الجيران حياة كاملة التفاصيل ولم لا والنبي وصى على سابع جار. (2) بصراحة.. سقى الله أيام زمان.. أيام الحرص على شعرة معاوية، ولد أيامها قانون للطوارئ جديد يقول: ان أرخوا نشد وإن شدوا نرخي في ذاك العهد كنا نحلم ونامل على الاقل ان يبقى الوضع على ماهو عليه امتعضنا وأبدينا انتقاداً شديداً تجاهه لم نكن نعرف والله انه سيجئ الوقت وتندم أشد الندم ونتحسر عليه. لم تنقطع الشعرة لشدة حرصنا طبعاً بل تركناها لهم ليتذوقوا طعم الفضائل العربية وتعرينا تماما لنلتحف بالسلام وجاء السلام ولم يستر عرينا بل كشف كل عوراتنا بعد قدومه الميمون، لم يعد همنا البحث عن ارض وحق وتقرير للمصير والاحتفاظ بالهوية طغى عليه هم أكبر أن يرضوا عنا ويقبلوا ان نعيش بينهم بأي صفة يريدون. هل سيجرؤ أي فلسطيني بعد كل هذا على ان يحكي للأجيال القادمة شيئا عن تاريخ فلسطين او جغرافيتها أو يذكر اسمها سيحسب حسابه الى سنوات قادمة قاحلة، حين يشب هؤلاء الصغار ويحكوا شيئاً مما علموه عن ارض ووطن وشعب وتاريخ فيعرضوا انفسهم لاضطهاد عالمي على اساس ان الجميع اشترك ويشترك وسيشترك في جريمة محو كلمة فلسطين من القاموس وفلسطيني من الوجود. أخشى ما أخشاه ان تكون تلك المساحة التي وهبت لنا من لحمنا ودمنا مثوى أخيراً للسواد الأعظم من هذا الشعب الذي حكمت أوامر عليا عليه بالإفناء ووقعوا ووقعنا. (3) رأيت اللهم اجعله خيراً السيد رئيس وفد المفاوضين في مباحثات القدس يخرج غاضباً من اجتماع لهم مع الفريق أقصد الوفد المنافس، وذهب من فوره وقدم استقالته قائلا: انهم ينقضون كل ما يقولونه أو أن تشددهم يشكل حجر عثرة امام تقدم المفاوضات او حتى استمرارها قلت : ليس بالإمكان ابدع ولا أحلى ولا اشجع مما كان.
هكذا غضبة صغيرة من صاحب فكرة التفاوض ومهندسها ومنفذها سراً وعلانية تجعله يدك سلامة المنشود على رؤوسنا بعد إحراق روما؟ هل حصل اكثر مما هو متوقع بين المتفاوضين أيها السيد الوفد الأول يزحف ويوهم الجميع انه مازال واقفاً والوفد الثاني يركض وهو لم يخدع أحداً مازال عند كلامه ان البلد بلدهم والعاصمة عاصمتهم كل الذي فعله انه تلاعب بالكلمات بالمناسبة نحن نتفاوض بمصير قضية وأجيال بلغة غير لغتنا وغير لغة الجانب الآخر. المهم بعد إغلاق التليفزيون سرحت بعيداً لا اعرف لماذا تصورت بعض اطفال يلهون بلعبة كرة القدم المشهورة على أرض أحد الشوارع في قاع المدينة لم يدخله ماء ولا كهرباء ولابه مصارف صحية تشكلوا فريقين والمفروض انهما متنافسان وهم كل منهما الفوز أو على الأقل عدم الخسارة وبينهما كرة قديمة عمرها الافتراضي انتهى منذ زمن بدأ اللعب يتقاذفان الكرة المهترئة القديمة الكرة تخون الطرفين مع كل ضربة فجأة مل حارس الفريق الاول اللعب وخرج محتجاً ان حارس الفريق المنافس يقاوم ويدافع بكل طاقاته فلا يعطي فرصة لفريقه ان يدخل الكرة في مرماه الذي بقى نظيفا بينما . مرمی الفريق الاول غير نظيف، مع أنه متأكد أن الكرة لم تستقر في مرماه ولو مرة واحدة، لكن الحكم وله القول الفصل اصر انه غير نظيف وحين حاولوا معه ان يتراجع عن توقفه عن اللعب طلب رسميا ان يعطي فرصة واحدة لتسجيل هدف واحد ويعدهم انة سيكون لهم ماشاءوا من الاهداف بعد ذلك رفض الآخر مستهجنا طلبه فهذا معناه تسجيل هدف على فريقه وهذا أمر لا يحتمل، حارس الفريق الاول مازال«حردان» ولأجل غير مسمى قد يكون بعد لحظات. (4) القدس .. من يطالب من بالدفاع عنها؟ نعم هي مدينة مقدسة لكل الأديان خاصة لنا بحكمها أولى القبلتين ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم. لكن يبقى أكرم مخلوقات الله على الله الإنسان. فأين هذا الإنسان الذي من المفروض انه سيدافع عن القدس قولاً وفعلاً الإنسان المطلوب غير موجود قل هو مغيب او قل هو مدجن او جائع أو رابض تحت اي مداس. اما الانسان الموجود فـلا علاقة لك به لأن لاعلاقة به بالقدس. كيف يعترف انسان واحد ان للقدس حقاً عليه ومن واجبه تقديم هذا الحق وهو نفسه بلا حقوق منذ ان وعى الدنيا لو رجع أجيالاً الى الوراء لما وجد في تلك السلسلة من تمتع بحقوق او ذاق طعم الحرية وطعم السلطة الوطنية الحقة وطعم ان يناموا ويصبحوا أمنين؟ كيف والشباب جميعهم قد شبوا والقدس عاصمة لدولة مفتراة تسن قوانين الأمم بما يتناسب مع أطماعها فقطعوا على أنفسهم الحلم والأمل حتى مجرد تصور الطرق المؤدية الى القدس؟